أحب قريبك كنفسك القاعدة الذهبية لملكوت السموات
أحب قريبك كنفسك القاعدة الذهبية لملكوت السموات |
أحب قريبك كنفسك هذه هى القاعدة الذهبية لملكوت السموات. مهما كانت المحبة الطبيعية الجسدية طيبة صادقة فهى لا تنفع ولا تغني إذ لا بد لها من نهاية فهى باقية ما بقى تبادل المحبة وإلا فشلت ودالت ولذلك كان لزاما علينا ان نتزود بتلك المحبة الالهية التى تساعدنا على تنفيذ هذا القانون وما سبقه من القوانين التسعة رابط جميع المواضيع بالاسفل
"فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم لان هذا هو الناموس والانبياء" (مت12:7)
يمكن مشاهدة مقدمة الموضوع من هنا ملكوت السموات وقوانينه
نأتي الآن إلى القانون العاشر لملكوت السموات وهو آخر قانون المعروف فى أغلب الأحيان "القانون الذهبى". ولقد رأينا فى دراستنا هذه القوانين أن كلا منها يلقى ضوءا خاصا على الوصية الجديدة القائلة "تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا" (يو23:13).
وأما هذا القانون الأخير القائل "كل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم"، فهو بصفة خاصة ملخص القوانين السابقة جميعا، وهو عبارة مكررة للوصية الجديدة، يحضنا على أن نعامل غيرنا كما نحب ان يعاملونا هم به. وبعبارة اخرى فهو يدفعنا الى ان نحب اقرباءنا كما نحب نفوسنا.
وقد تأيد هذا القانون أكثر من مرة فى الرسائل: فنقرأ فى (رو13: 8-10) "من أحب غيره فقد أكمل الناموس. لان لا تزن، لا تقتل، لا تسرق لا تشهد بالزور لا تشته وإن كانت وصية اخرى هي مجموعة فى هذه الكلمة تحب قريبك كنفسك. المحبة لا تصنع شرا للقريب. فالمحبة هي تكميل الناموس. نقرأ كذلك فى (غل5: 13-14) "بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا. لأن كل ناموس فى كلمة واحدة يكمل. تحب قريبك كنفسك".
من هو قريبي؟
وإن أول سؤال يعترضنا هو "من هو قريبي؟" وجوابا على ذلك نقول إن المقصود بكلمة "قريب" كل شخص فى متناول يدى. أقربائى هم أولئك الذين أقابلهم كل يوم. سأل ناموسى ذلك السؤال عينه من المسيح فأجابه بمثل السامرى الصالح مبينا أن "قريبه" هو ذلك الشخص الذى وقع بين اللصوص عندما كان نازلا من اورشليم الى اريحا: فكان قريبا للكاهن واللاوي لأنهم اجتازوا فى الطريق عينها، إلا أنهم لم يرعوا القاعدة الذهبية "فجازوا مقابله" وأما السامرى الصالح فقد حفظ هذا القانون العاشر وانصاع لأمره وعامل ذلك المسكين كما كان يحب أن يعامله هو به لو انه وقع بين اللصوص. فأقرباؤنا إذن هم كل من نقابلهم في سبيل الحياة.
فهم قبل كل شئ أولئك الذين تربطنا بهم أواصر القرابة وروابط المحبة. علينا أن نحب أولئك كما نحب نفوسنا وأن نظهر لهم محبتنا فنعاملهم كما نحب أن يعاملونا هم به، ولقد تقول لى "ذلك أمر هين جدا" فهل هو هين كذا يا ترى وهلا غضبت عليهم فى بعض الاحيان فان كنت غضبت عليهم فهل تود إذا غضبوا هم عليك؟ فإذا كنت تكره أن يغضبوا عليك فأنت فى هذه الحالة لا تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك هم به.
ولذلك فإن المحبة الطبيعية غير كافية لتنفيذ هذه القاعدة الذهبية حتى ولو كانت لأعز أحبائنا. نعم هى تساعدنا أن نجرى شوطا بعيدا فى هذه الطريق ولكنها تفشل عند حد الاجهاد والاعياء فإذا أردنا أن نحفظ قانون الله احتجنا إلى محبة من عند الله.
وإن أقربائنا كذلك هم مرؤوسينا في منازلنا فعلينا أن نحب خدمنا كما نحب نفوسنا وأن نظهر محبتنا لهم ونعاملهم بما نحب أن يعاملونا به. وما ينطبق على مسلك السادة نحو خدمهم ينطبق على مسلك الخدم نحو ساداتهم. فلو سلكنا كذلك جميعا فما أبعد الفرق وأعظم التغيير اللذين يحدثان فى بيوتنا. هكذا يجب أن يكون سلوكنا حتى ولو لم يكن هو سلوك الجانب الآخر فإن نقض غيرنا هذه القاعدة الذهبية لا يبرر نقضنا نحن إياها بأى حال من الأحوال، نقرأ فى (1بط18:2) "أيها الخدام كونوا خاضعين بكل هيبة للسادة ليس للصالحين المترفقين فقط بل للعنفاء أيضا".
وعلى هذا النحو يجب أن يعامل السادة وخدمهم غير المستقيمين حتى لقد قال أحدهم إنه لو تبادل الناس المعاملة على أساس هذه القاعدة الذهبية لنحقق ملك الألف السنة فى بيوتنا، وواجبنا نحن أن نقول "إذن فليأت ملكوتك".
وأقرباؤنا كذلك هم زائرونا والنزلاء الذين يلجون أبوابنا ولا شك أن واجب التربية الفاضلة وداعى الذوق السليم يدفعوننا إلى أن نحبهم، فإذا ما أردنا أن ننفذ هذا القانون - قانون المحبة - روحيا وحرفيا احتجنا إلى شيء أعلى من التربية الفاضلة، إذ أن أفضل ما فينا يفشل تحت الضغط والاختبار وليس وقت نعرف فيه نفوسنا حق المعرفة خيرا من وقت التجربة والاختبار. إننا فى حاجة إلى المحبة الحقيقية الصادقة التى تحفزنا إلى أن نعامل قريبنا بالمعاملة عينها التى نحب أن يعاملنا هو بها.
وأخيرا فأقرباؤنا هم كل من نصادفهم خارج منازلنا لا فرق فى ذلك بين البائعة الفقيرة التى تجلس على قارعة الطريق طيلة يومها بغية أن تكسب جنيهات قليلة تنفقها على بيتها، فهى أيضا قريبتنا وعلينا أن نعاملها على النحو المذكور. وذلك الطفل الصغير الذى ضل الطريق، أو هوى إلى الأرض، أو وقع فى ضيق ما، هو أيضا قريبنا، وكذلك الحال مع الرجل الثمل الذى تردى فى قناة الماء أو ميزاب من الميازيب، ويحتاج إلى أن تمتد إليه يد المعونة.
وقصارى القول إن أقربائنا هم أولئك الذين نصادفهم فى حياتنا اليومية ويحتاجون إلى معونتنا فعلينا أن نحبهم كما نحب نفوسنا وأن نعاملهم تبعا لذلك.
القاعدة الذهبية والتعاملات التجارية
وما أعظم التغيير الشامل الذى يعم الحياة التجارية لو أننا جميعا سلكنا طبقا لهذه القاعدة الذهبية، فلا يكون ثمة غش ولا كذب من جانب البائع ولا طلبات غير معقولة من ناحية المشترى، ولا تباع البضائع ذات الصنف الرديء لأى مشترى بدون أن يخبره البائع عن صنفها صراحة.
وإذ نعامل بعضنا بعضا كما نحب أن نعامل به يشعر صاحب رأس المال أن موظفيه جميعهم أقرباء له ويعاملهم كما يحب أن يعامل به لو أنه كان في مركزهم، فيبطل الارهاق فى العمل وغير ذلك. وكذلك يشعر حاملو الأسهم المالية أن هذه القاعدة الذهبية متبعة بدقة فى الذين يساهمون فيه. وهكذا الحال مع العمال فإنهم يسلكون طبقا لهذه القاعدة أيضا فى جو من حسن التفاهم والثقة المتبادلة بين صاحب العمل وبينهم فلا اضراب ولا اضطراب.
وان كان لزاما أن تنفذ هذه القاعدة الذهبية في الأعمال التجارية فكم بالأحرى يجب أن تنفذ في الأعمال المسيحية، ويا للانقلاب الصالح الذى نشاهده لو أن خدام الكلمة جميعهم يعاملوا بعضهم بعضا كما يحبون أن يعاملوا به فلا يحزنون روح الله القدوس بين الفينة والفينة بل يفسحون له المجال ليعمل عمله المبارك فى وسطنا بلا معطل ولا مانع، ويبطل الانتقاد وتزول الكبرياء الروحية وينقطع الميل الى النقد الذميم الذي منشؤه الحسد ومنبعه الحقد فيستطيع الجميع في هذه الحال أن يعملوا، رجالا وسيدات، فى وئام وفيق وتضامن وثيق لربح النفوس وخلاصها.
القاعدة الذهبية في التعامل مع الاخر
وكذلك يجب علينا أن ننفذ القاعدة الذهبية فى معاملاتنا مع الجموع التي هي خارج حظيرة الكنيسة فلو أننا شعرنا بقرابة كل رجل غير مخلص وكل سيدة بعيدة عن المسيح، ولو اننا أحببنا الجميع كما نحب أنفسنا، لشعرنا بضرورة تدفعنا إلى أن نقود الجميع من الظلمة إلى النور. فإن محبتنا الفاترة نحو اقربائنا هى التى تجعلنا نهمل مستقبلهم الأبدي ولا نبالي به.
وهكذا نرى ان من ألزم الواجبات علينا ان ننفذ القاعدة الذهبية فى كل نواحى الحياة وان نحب زملائنا فى البشرية كما نحب انفسنا، وان نظهر لهم هذه المحبة فنعاملهم بالمعاملة التي نحب ان يعاملونا بها. فليسأل كل منا نفسه "هل أنفذ انا هذا الأمر؟ وهل أشعر بهذه المحبة الدافعة نحو قريبي؟".
مهما كانت المحبة الطبيعية الجسدية طيبة صادقة فهى لا تنفع ولا تغني إذ لا بد لها من نهاية فهى باقية ما بقى تبادل المحبة وإلا فشلت ودالت ولذلك كان لزاما علينا ان نتزود بتلك المحبة الالهية التى تساعدنا على تنفيذ هذا القانون وما سبقه من القوانين التسعة. ولا ننس أن كلمة "محبة" مترجمة عن كلمتين يونانيتين أولاهما "الغرام" وهي تفيد المحبة الجسدية والأخرى تعنى "المحبة العميقة" وهى المستعملة للتعبير عن محبة الله وهي كذلك مستعملة فى كل فقرة في الكتاب المقدس تأمرنا بمحبة القريب. فعلينا اذن ان نحب اقرباءنا بالمحبة الالهية التى وهبت لنا فى المسيح يسوع ربنا و انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس بغزارة.
فما كان الرب لينتظر من التلاميذ أن ينفذوا الوصية الجديدة بقوتهم الشخصية، بل لقد شفع وصيته بقوة المحبة الالهية التى تعينهم على الطاعة وتساعدهم على التنفيذ حتى أننا نستطيع جميعا أن نقول مع بولس الرسول
"استطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" (فى13:4)
القوانين التسع السابقة:
"استطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" (فى13:4)
القوانين التسع السابقة:
إرسال تعليق