كيف أحيا بالمسيح
(قال لها يسوع: أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا ) (يوحنا ١١-٢٥).
(مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في. فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي. ) (غلاطيه ٢-٢٠)
وهنا نستكمل الجزء الثانى بعد موضوع
( كيف أومن بالمسيح ) . فى سلسله اعماق الأيمان.
وهو الاستمرار والمثابره فى الايمان الذى من خلاله تسير فى طريق الحياه مع المسيح .
فبدون حياه الصلاه (الصله) المستمره مع المسيح . لا يكون للانسان حياه ولا ملكوت ولا نور ولا نصره على الشيطان العدو الاول لك الذى فى هذا التوقيت بالتحديد فى بدايه طريقك وثباتك فيه سيحاول بشتى الطرق محاربتك وتشكيكك فيه وأشغالك بكل الوسائل الممكنه للخروج من بدايه الطريق ونزع فتيله الايمان من قلبك قبل زياده اشتعالها
وسيستخدم كل الفرص الممكنه لاقناعك بانك تسير فى طريق كله اوهام !!
وكما قال الانبا انطونيوس:
{ فلا تدعوا قوه هذه النار الالهيه ان تنزع منكم . لان حروبا كثيره كائنه لكم من الشيطان لاجل هذه النار المعطاه لكم من الرب لكى ينزعها منكم . لانه يعلم انه لا قدره له عليكم مادامت نار الله فيكم}
غير أن هناك حقيقه لايمكن تجاهلها، وهى انه بالرغم من خبرات القديسين الايمانيه تنير أمامنا نور المعرفه، الا انها يستحيل ان تمدنا بالايمان الحى دون شهاده خاصه تنبثق من عمق خبرتنا وحياتنا ، فالمسيح ينبغى ان يكون لك كما هو لكل قديس ، لانه مات عنك شخصيا. لان ايماننا بالمسيح سيظل بلا قوه حتى نتواجه معه وجها لوجه داخل انفسنا بكل صبر وطول اناه وشجاعه . لاننا حتما سنخرج ولنا خبره خاصه وتجديد لانفسنا ومعرفه حقه ودرايه بقداسه المسيح ولطفه .
والمثابره على الصلاه والعباده هى أحدى علامات فاعليه الايمان.
فإذا كان الايمان هو حجر الاساس لبناء الحياه الروحيه.فالمثابره هى الحجاره التى يبنى بها البناء كله.
اليأس من الطريق.
فلكى ندرك قيمه روح المثابره فى الصلاه علينا ان نلقى نظره الى روح اليأس
فألياس هو حماقه الكبرياء وغلظه الرقبه. وليس أدل على ذلك من ان الانسان اليائس يفضل شقاء الجحيم الابدى وهو يتبع مشوره نفسه وكبرياءه وعناده ، على ان يخضع لله ويتقبل من يديه حلو هذه الحياه ومرها لينال الحياه الابديه .
وهكذا تظهر روح المثابره علامه اتضاع وتسليم .
(أن ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر)
(أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله؟ فمن أراد أن يكون محبا للعالم، فقد صار عدوا لله.) (يعقوب٤-٤)...
والانسان المثابر على الصلاه والسير فى الطريق فى خضوع وأستسلام. لا يشعر فى نفسه انه كفؤ لشئ أو أن نفسه تكون محسوبه عنده !!، فهو يثابر فى خضوع وطاعه لانه لا يستطيع ان يتوقف عن المثابره. فعلى ماذا يعتمد ونفسه ضعيفه غير محسوبه فى عينيه!
( فقال يسوع للاثني عشر: ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا
فأجابه سمعان بطرس: يا رب، إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك
ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي ) (يوحنا٦ ٦٧-٦٩).
فروح المثابره منشأ من خلال اقتناع داخلى بأن الحياه طريق واحد فقط يؤدى الى الملكوت ، فالمثابره على السير هى الطريقه الوحيده للوصول ، وهى الطريقه الوحيده أيضا للتغلب على الصعاب .
(ايها الاخوه.انا لست احسب نفسى انى ادركت.ولكنى افعل شيئا واحدا.اذ انا انسى ما هو وراء وامتد الى ماهو قدام) ( فيلبى)
(ايها الاخوه.انا لست احسب نفسى انى ادركت.ولكنى افعل شيئا واحدا.اذ انا انسى ما هو وراء وامتد الى ماهو قدام) ( فيلبى)
اما التوقف فى الطريق لايه عله كانت فانه دليل على الوقوع فى فخ الشيطان .
( فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام ) (يوحنا ١٢-٣٥)
اى طالما أنتم تسيرون فالنور معكم وهو يقودكم ، فأذا توقفتم فإن الظلام (العدو) يدرككم فى الحال.
أما الرجوع عن هذا الطريق فهو دليل على خيبه النفس وفشلها ووقعها فى كبريائها المميت وإرتضائها بالهلاك ٠
( ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله) (لوقا٩-٦٢)
ولا مانع أطلاقا من أستراحه السائرين فى طريق المثابره وهذا محبب من اجل الاستمرار وزياده الجهاد فى الطريق وهذا سيكون بإرشاد وعمل الروح القدس !.
نموت لكى نحيا !!.
نتكلم بصراحه وبدون ومجاملات !!!
كلنا نجزع ونخاف من هذه الكلمه ولا نحب ان نسمعها( الموت ) !!!
فاموت الذات ( الانا-الايجو ) هى أهم عمليه لكى تحيا مع المسيح !. وبدونها مستحيل !
وهذا هو مبدأ وشرط المسيح وليس فيه فصال !
وقيلت وشرحت فى كل الاناجيل والرسائل.
(من وجد حياته يضيعها ، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها) (متى ١٠-٣٩).
(فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها) (مرقس٨-٣٥).
(اذكروا امرأة لوط .من طلب أن يخلص نفسه يهلكها، ومن أهلكها يحييها)(لوقا ١٧-٣٣).
(من يحب نفسه يهلكها ، ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية)(يوحنا١٢-٢٥)......
فالنفس موضوعه بين الجسد والروح، فهى إما تتحد مع الجسد وتتعاطف معه ضد الروح، وإما تتحد مع الروح وتتعاطف معه ضد الجسد.
وهكذا تكون الجسد إما جسدانيه او روحانيه .
(وإنما أقول: اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد، لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون)(غلاطيه٥-١٧)
فالنفس هى القاعده التى تصدر منها كل العواطف والمشاعر التى تحوى الحياه الجسديه. والروح هى القاعده التى تستقبل التأثيرات وتعبر عنها والتى تتصل بالله . ونحن مطالبون ان نجعل النفس تنحاز للروح حتى تكون لها حياه أبديه .
ولذلك يقول الكتاب (لأن اهتمام الجسد هو موت، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام)،،،(لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون)(روميه٨)
الذى يلتصق بالفانى يفنى ، والذى يجمع من حوله الفانيات سيفنى معها.
وعند هذا الحد المتصارع بين الروح فى الانسان الجديد المولود من الله والمتحد من الروح القدس ، وبين الجسد المتمرد والنفس المنحازه له فى الانسان العتيق . يبدا الانجيل يضع الوصايا والخطوات العمليه لتحرير روح الانسان الجديد من سطوه الجسد وتحالفه مع النفس . هذين يكونان كيانا واحدا متحدا هو كيان الانسان العتيق. أنسان الخطيه والشهوات والغرور والحريه الكاذبه .
حيث تكون فيه النفس هى مركز تفكيره وعمله وحبه وبغضته وحزنه وسلامه وخوفه ومجده وحتى عبادته !
فهو يعمل لتمتدح نفسه ، واذا لم تمتدح تفسه يكره العمل.
وهو يحب لان نفسه نالت رضاها ومسرتها وكرامتها، وهو يبغض لان نفسه لم ترتاح ولم تكرم .
يحزن لان نفسه جرحت وتألمت وفقدت مصدر سرورها وعطفها، ويفرح لان نفسه نالت شهوتها ومجدها وملذتها.
يشعر بالسلام عندما تأمن نفسه للظروف، ويشعر بالخوف عندما تفقد نفسه أمانها. يحارب ويفاوض ويسهر ويجتهد للتمجد نفسه، ويكسل وينام ويكف عن الجهاد إذا لم يكن وراء ذلك مجد لنفسه.
يعبد ويصلى ويطيل الصلوات ويتقن اللحن والصوت وينشط فى أداء الفرض لتظهر نفسه قديسه وعابده لتنال من الناس كرامه.
(لكي يمجدوا من الناس. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم)(متى٦-٢)
وهكذا يصور لنا المسيح أن النفس عدو حقيقى بل هى العدو الوحيد الذى يقف ضد خلاص الانسان وعبوره الى الحياه الابديه .
فالمسيح يأمرنا ببغضه النفس . لانه يعلم أن بغضه الانسان لذاته هى المدخل الوحيد الى اعماق الروح.
فلا يمكن الجمع بين حريه النفس المتعاهده مع الجسد، وبين حريه الروح المتحده بالروح القدس. لابد أولا أن يتوقف الانسان العتيق عن نشاطه المفسد وعن حريته التى تؤول الى الخطيه . لكى ينشط الانسان الجديد المخلوق بحسب الله ليعيش فى القداسه والحق. ويعرف مواهبه وعمله فى مشيئه المسيح له . والمسيح اذا اتحد بأعماق النفس يدبر حياه الانسان ويقوده بالفكر والعواطف والاراده والحواس. وبالمثابره فى الصلاه والانسكاب يصير المسيح مركزا لوجود النفس حينئذ لن يستريح الانسان فى شىء سوى المسيح وحده حيث يستريح المثيل على المثيل .و إن المسيح اعطانا لا أن نؤمن به ونعرفه فقط بل أن نحيا به واعطانا الروح القدس لا ليعلمنا فقط بل ليسكن فى داخلنا . فكل مواجهه مع المسيح هى صلاه تجديد وكل صلاه هى خبره أيمانيه وكل خبره أيمانيه هى حياه أبديه .فالحياه فى المسيح حركه وخبره وتجديد ونمو بالروح لا يتوقف .ولان النفس خلقت لتكون خالده فإنها تجد فى المسيح عندما تتحد به ، منتهى سعادتها لانه يحقق بوجوده وجودها وخلودها !.)
ولكن هنا السؤال كيف نموت لكى نحيا ؟!
فاهذا العمل ليس من مقدرتك ومستحيل ان تفعله . فهذا عمل يختص به المسيح بالكامل .
عملك الوحيد هو الموافقه عليه وإدراكك له. مثل الذى بكل أرادته ان يدخل غرفه العمليات لكى يستأصل منه الطبيب الورم السرطانى الخبيث من جسمه .
فخطواتك هى
١- وعيك الكامل لما يفعله المسيح بك .
٢- قبول كامل لكافه الوسائل التى يختارها المسيح .
٣- عدم وضوع العراقيل فى طريق المسيح لتعويقه عن تكميل خطته فى الوقت المناسب.
٤-عدم تزييف عمل المسيح فنتظاهر بموت الانسان العتيق وهو لم يمت واكتمال ونضوج الانسان الجديد وهو لايزال طفلا بل ربما جنينا !!.
٥-عدم تحمل المسئوليات الروحيه قبل ان تتأكد من الامتلاء الروحى
٦-الخضوع تحت سلطان كلمه الله الكاشفه بلا ملل ولا يأس حتى يتم تحرير الروح.
وهذا كله سأوضحه وأشرحه فى الموضوع القادم . (عمل الروح القدس فى الأنسان)
وكيف يختص به عمل الروح القدس بكل خططه وتفاصيله الدقيقه فالموضوع خاص لكل نفس ولها تعاملها وكيف تشترك وتعمل معه . وكيف تتأكد من موت الذات وما العلامات على ذلك .ومعرفه افكار وحروب الشيطان التى يسوقها عليك من اجل تضلليلك وخداعك! وكيف تتاكد انك تعيش لله وانك منقاد بروح الله.
*الخلاصه : أمامك يا عزيزى قصتين . يا تعيش قصتك بإحلامها وطموحتها وأوهمها . يا إما تعيش قصه المسيح التى يريدها لك حسب مشيئته من اجلك ، وتكون تابعا له (ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني) .(قد اشتريتم بثمن، فلا تصيروا عبيدا للناس.)
لكن تريد ان تختار لنفسك وتعيش قصتك والمسيح يكون تابع لك وخادم لها . هذه اكبر كذبه وضلاله روجها الشيطان للمؤمنين!!
إرسال تعليق